حق الارتفاق
عرفته المادة (1015) من القانون المدني المصري على أنه: (حق يحد من منفعة عقار لفائدة عقار غيره يملكه شخص آخر)، كما قررت أنه: (يجوز أن يترتب الارتفاق على مال عام إن كان لا يتعارض مع الاستعمال الذي خصص له هذا المال). وقد عرفته المادة (699) من نظام المعاملات المدنية الصادر في المملكة العربية السعودية بأنه: (حق عيني مقرر لمنفعة عقار لشخص على عقار مملوك لشخصٍ آخر).
فحق الارتفاق حق عيني عقاري يترتب لمصلحة عقار على عقار آخر. حيث يقيم المالك الأصلي عقارين يخدم أحدهما الآخر بحيث يكون لهذه التبعية مهمة اقتصادية محددة. تنتقل مع انتقال ملكية العقارين. ويسمى العقار الأول العقار المرتفق أو المخدوم ويسمى الثاني العقار المرتفق به أو العقار الخادم. فيحد العقار الأول من منفعة العقار الثاني، أو يجعله مثقلًا بتكليف لفائدته.
وينصرف حق الارتفاق إلى الحق في المرور أو الشرب أو المسيل. ومن هذا نص الدائرة الإدارية في ديوان المظالم في القضية رقم 2141 لعام 1430 المستأنفة بالقضية رقم 1202 لعام 1435 على أن: (حق السيل وحق المجرى يعتبران من حقوق الارتفاق الواجبة). ويتبع حق الارتفاق العقار المرتفق ويكون من ملحقاته عند التصرف فيه فينتقل معه إلى المتصرف فيه بدون حاجة إلى ذكره في العقد. وتظهر أهمية حق الارتفاق عند انتقال ملكية العقارين إلى شخصين مختلفين مع بقائهما على حالهما فتظل حالة التبعية الأصلية قائمة على حالها. فمالك العقار الأول وإن لم يحرم الثاني من ملكيته لكن ينقص من نطاقها. فيحرمه من القيام بأعمالٍ في عقاره كان له الحق في القيام بها لولا وجود حق الارتفاق. كما يوجب عليه ألا يمس في استعماله لحقوق ملكيته بحق الارتفاق فلا يعوق استعماله أو ينقصه أو يجعله أكثر مشقة. نقض10/5/1977.طعن724.
ومناط التفرقة بين حق الارتفاق كحق عيني وكحق شخصي ما إذا كان التكليف على العقار مقررًا لفائدة عقار فيكون حق ارتفاق أم لفائدة شخص بعقد وفي هذه الحالة لا ينشئ إلا حقًا شخصيًا. كما قررت محكمة النقض المصرية. نقض13/12/1978. طعن431.
اكتساب حق الارتفاق
قرر القانون المدني المصري في المادة (1016) أن: (حق الارتفاق يكتسب بعمل قانوني أو بالميراث، ولا يكتسب بالتقادم إلا الارتفاقات الظاهرة بما فيها حق المرور). أما نظام المعاملات المدنية فقد قرر أن: (يكتسب حق الارتفاق بالتصرف النظام أو الإرث)، دون أن ينص على حكم للتقادم في المادة.
إذًا قد ينشئ التصرف القانوني حق ارتفاق في ضوء أحكام القانون المدني المصري ونظام المعاملات المدنية. قد يكون هذا التصرف عقد بيع محله الارتفاق، فيقرر صاحب العقار المرتفق به ارتفاقًا لمصلحة العقار المرتفق، فيكون الأول بائعًا والثاني مشتريًا يلتزم بدفع الثمن المتفق عليه، وإلا كان للبائع منه من المرور استنادًا إلى حقه في الحبس. كما قد يكون هبة أو وصية أو مقايضة أو أي شكل آخر من أشكال التصرفات القانونية. كذلك يكتسب حق الارتفاق بالإرث في ضوء القانون المدني المصري ونظام المعاملات المدنية. وعلى هذا اتجه العمل في محكمة النقض التي قررت: (للأفراد الاتفاق على إنشاء حقوق الارتفاق التي يختارونها سواء كانت إيجابية أو سلبية مع مراعاة أن تكون في حدود القانون والنظام العام والآداب). نقض 10/5/1977. س28.
أما كسب حق الارتفاق بالتقادم فقد نص عليه القانون المدني المصري دون نظام المعاملات المدنية. ويشترط لكسب حق الارتفاق بالتقادم أن يكون ظاهرًا. فإن كان غير ظاهر كالارتفاق بعدم التعلية فلا يرد عليه التقادم. كما يشترط توافر الظهور بمعناه الخاص. فحق الارتفاق بالمرور يكون ظاهرًا بالمعنى العام للظهور إذا كان الشخص يمر علانيةً في أرض جاره، ولكن القانون لم يكتف بذلك بل اشترط الظهور بمعناه الخاص، أي: أن يوجد للطريق معالم ظاهرة. أما في باقي الارتفاقات فيكتفي القانون بالظهور بمعناه العام. ما دام مستمرًا. كالارتفاق بالمطل والمشرب والمجرى والمسيل. كما يجب توافر الحيازة بعنصريها المادي والمعنوي، وأن تستمر 15 سنة.
ترتيب حق الارتفاق بتخصيص من المالك الأصلي
يجوز للمالك الأصلي ترتيب حق الارتفاق. فقد نصت المادة (1017) من القانون المدني المصري على أنه: (يجوز في الارتفاقات الظاهرة أن ترتب أيضًا بتخصيص من المالك الأصلي. ويكون هناك تخصيص من المالك الأصلي إذا تبين بأي طريق من طرق الإثبات أن مالك عقارين منفصلين قد أقام بينهما علامة ظاهرة. فأنشأ بذلك علاقة تبعية بينهما من شأنها أن تدل على وجود ارتفاق لو أن العقارين كانا مملوكين لملاك مختلفين، ففي هذه الحالة إذا انتقل العقاران إلى أيدي ملاك مختلفين دون تغيير في حالتهما عد الارتفاق مرتبًا بين العقارين لهما وعليمها ما لم يكن ثمة شرط صريح يخالف ذلك).
كما نص نظام المعاملات المدنية على حق المالك الأصلي في تخصيص حق الارتفاق فقال: (إذا أنشأ مالك عقارين منفصلين ارتفاقًا ظاهرًا بينهما بقي الحق إذا انتقل العقاران أو أحدهما إلى أيدي ملاك آخرين دون تغيير في حالتهما ما لم يتفق على خلاف ذلك).
فيجوز ترتيب حقق ارتفاق على عقارين منفصلين إن كانا لمالكٍ واحد بمعرفته بحيث إذا انتقلت ملكية هذه العقارات إلى آخرين ظلت الارتفاقات باقية على نحو ما رتب المالك الأصلي. ويشترط لترتيب هذا الارتفاق:
- ثبوت وجود عقارين منفصلين كانا لمالكٍ واحد. ولا يشترط التلاصق. ويجوز أن يكون هناك عقارًا واحدًا قسمه المالك وجعل لقسمة ارتفاقًا على قسمٍ آخر. ويحدث الانفصال أو التقسيم اختياريًا بتصرفٍ ناقلٍ للملكية كالبيع أو الهبة، أو بقسمة أو برسو مزاد أو بتقادم مكسب. فلا يترتب الارتفاق إذا كان الانفصال بسبب فسخ أو بطلان.
فقد قررت محكمة النقض المصرية أن: (من المقرر أن حق الارتفاق بتخصيص المالك الأصلي يخرج إلى الوجود بعد انقضاء ملكية المالك الأصلي للعقارين المخدومين والمخدوم وأيلولتهما إلى مالكين مختلفين، ويبقى تابعًا لمصلحة العقار المرتفق ولا ينفيه إلا أن يتضمن السند الذي ترتب عليه انقضاء ملكية المالك الأصلي للعقارين شرطًا صريحًا مخالفًا لبقاء الارتفاق). نقض5/5/1981. طعن801.
- أن يترتب الارتفاق بمعرفة المالك نفسه، فلا يكون من صاحب حق الانتفاع أو من مستأجر.
- يجب أن يكون حق الارتفاق ظاهرًا لا غموض فيه. فتكون له علامة ظاهرة كنافذة يفتحها المالك الأصلي مقررًا بها حق المطل أو قناة يحفرها أو غير ذلك من العلامات الظاهرة. ومن ثم فإن الارتفاقات السلبية تتقرر بتخصيص المالك لعدم وجود علامة ظاهرة عليها كالارتفاق بعدم التعلية.
ومن ثم فإن لم توجد علامة ظاهرة تربط بين العقارين فلا تتوافر علاقة التبعية بينهما، وبالتالي لا يتحقق الارتفاق بتخصيص من المالك الأصلي، ولكن يجوز -في هذه الحالة- تحقيق الارتفاق بطريق آخر من طرق اكتسابه مثل: التقادم والإرث، فوجود صرف لأحد العقارين تحت أرض العقار الآخر يتحقق به الارتفاق، وباعتباره غير ظاهر فلا يكون قد تقرر بتخصيص المالك الأصلي. أما إذا وجدت العلامة الظاهرة تكون قد تحققت علاقة التبعية بين العقارين، بحيث إذا تصرف المالك الأصلي في أحدهما توافرت الإرادة الضمنية بينه وبين من تصرف له على الإبقاء على تلك العلاقة بينهما فيظل حق الارتفاق قائمًا بينهما.