حوالة الدين في ضوء نظام المعاملات المدنية والقانون المدني المصري

حوالة الدين في ضوء نظام المعاملات المدنية والقانون المدني المصري

أجازت القوانين المدنية مثل: القانون المدني المصري ونظام المعاملات المدنية أن يكون هناك حوالة للدين بين المدين وشخص آخر يتحمل عنه الدين. أو بين الدائن الأصلي وشخص آخر يتحمل عن الدائن. فقد ذهبت لجنة الفصل في المنازعات المصرفية والتمويلية في الحكم رقم 161 لسنة 1424 إلى أن: (تعهد شخص بسداد مديونية عميل البنك وقبول البنك ذلك يعتبر حوالة دين تبرأ معها ذمة العميل تجاه البنك ويصبح المتعهد بعد ذلك مدينا للبنك).

تعريف حوالة الدين

عرفتها المادة (248) من نظام المعاملات المدنية على أنها: (عقد يقتضي نقل الالتزام من ذمة المحيل إلى ذمة المحال عليه). فهي اتفاق (عقد) بين طرفين على تحويل الدين من ذمة المدين الأصلي إلى ذمة مدين جديد يحل محله. فأركان العقد هي: التراضي والمحل والسبب. وقد ذهبت الدائرة التجارية في ديوان المظالم في القضية رقم 12384 لعام 1437 المستأنفة بالقضية رقم 2790 لعام 1438 إلى أن: (أنه من المقرر في الفقه والنظام أن الحوالة لا تصح إلا على دين ثابت، وأن يكون هذا الدين أيضاً مستقراً أي: غير عرضة للسقوط وإلا عدت الحوالة غير صحيحة).

وقد بينت نصوص القانون المدني المصري كيف تتم هذه الحوالة، فإما أن تتحقق باتفاق بين المدين الأصلي والمحال عليه الذي يصبح بمقتضى هذه الحوالة مدينًا بدلًا منه، أو تتحقق باتفاق بين الدائن والمحال عليه بغير رضاء المدين الأصلي.

الحالة الأولى لحوالة الدين: الاتفاق بين المدين الأصلي وشخص آخر يتحمل عنه الدين يسمى (المحال عليه)

وعلى هذه نصت المادة رقم (315) من القانون المدني المصري بقولها: (تتم حوالة الدين بين المدين وشخص آخر يتحمل عنه الدين)، وكذلك نصت المادة رقم (249) من نظام المعاملات المدنية بقولها: (تنعقد حوالة الدين باتفاق بين المحيل والمحال عليه ولا تنفذ في حق المحال إلا إذا قبلها). فيصح إذا أن يتفق شخصان أحدهما يدين لآخر -وهو المدين الأصلي- على تحويل هذا الدين قبل المحال إلى الطرف الثاني -أي المحال عليه-.

ومتى تمت حوالة الدين بين المدين الأصلي والمحال عليه -على النحو السابق بين المدين الأصلي والمحال عليه- فلا تنعقد في حق المحال (أو الدائن كما استعمل القانون المدني المصري) إلا إذا قبلها.

فقد نصت المادة رقم (316) من القانون المدني المصري على أنه: (لا تكون الحوالة نافذة في حق الدائن إلا إذا أقرها). وعلى هذا الحكم نصت المادة (249) من نظام المعاملات المدنية السابق ذكرها. فتظل العلاقة إذَا قائمة بين المدين الأصلي والمحال عليه متوقفة على قبول الدائن على هذا التحويل. فإن أقرها انعقدت في حقه. وإن أحال المدين إلى أكثر من شخص فإن الحوالة التي تنفذ هي التي يقرها الدائن أولًا. على أن الدائن إن لم يقبل الحوالة لم تنعقد في حقه. وفي هذه الحالة نصت المادة رقم (249) من نظام المعاملات المدنية على أن: (المحال عليه يكون ملزمًا تجاه المحيل بالوفاء للمحال ما لم يُتفق على خلاف ذلك، أو يتبين من ظروف الحال أن نفاذ الحوالة بينهما معلق على قبول المحال).

أما القانون المدني المصري فقد أقر حكمًا لم يرد في نظام المعاملات المدنية نص عليه في المادة (316) من القانون، وهو أنه: (إذا قام المحال عليه أو المدين الأصلي بإعلان الحوالة إلى الدائن، وعين له أجلًا معقولًا ليقر الحوالة ثم انقضى الأجل دون أن يصدر الإقرار اعتبر سكون الدائن رفضًا للحوالة). فنظرًا لأن الحوالة التي تنعقد بين المدين الأصلي والمحال عليه تؤثر في مصالح الدائن فقد أقر له القانون حق رفض الحوالة. وعدم نفاذ آثارها في حقه. على أن المدين بالخيار بين إقرار الحوالة ورفضها إذا تم إعلانه بالحوالة من قبل المحال عليه أو المدين الأصلي من أجل إقرار الحوالة، فالإقرار في هذه الحالة إرادة منفردة، يجب حتى تنتج أثرها أن تصل إلى علم الدائن في وقت ملائم للتقرير فيه، فإن أقرها انعقدت في حقه بأثر رجعي، ولا يكون للمدين الأصلي والمحال عليه الرجوع في الحوالة أو تعديلها بمجرد وصول الإقرار بها إليهما. وإن انقضى الأجل دون إقرارها من الدائن يعد سكوته رفضًا لها. وتظل علاقة الدائن بالمدين الأصلي قائمة.

فحوالة الدين قد تنعقد بين الدائن والمدين الأصلي والمحال عليه فتنفذ فور هذا الاتفاق. وقد تتم بالاتفاق بين الدائن الأصلي والمحال عليه، وهذه هي الحالة الثانية التي هي محل تنظيم من القانون.

الحالة الثانية: الاتفاق بين الدائن والمحال عليه بغير رضاء المدين الأصلي

أجاز القانون المدني المصري ونظام المعاملات المدنية اتفاق الدائن والمحال عليه على حوالة الدين بغير رضاء المدين الأصلي. فقد نصت المادة (321) من القانون المدني المصري على أنه: (يجوز أيضًا أن تتم حوالة الدين باتفاق بين الدائن والمحال عليه يتقرر فيه أن هذا يحل محل المدين الأصلي في التزامه). كما نصت المادة (250) من نظام المعاملات المدنية على أنه: (يجوز أن تنعقد حوالة الدين باتفاقٍ بين المحيل والمحال. ولا تنفذ في حق المحال عليه إلا إذا قبلها).

فيجوز إذًا انعقاد الحوالة بمقتضى اتفاق بين الدائن والمحال عليه مباشرةً دون الوقوف على رضا المدين كما ذهب القانون المدني المصري؛ تأسيسًا منه على قاعدة أن الوفاء يجوز من غير المدين، ولو كان ذلك دون علمه أو إرادته، أو بقبوله كما نص نظام المعاملات المدنية. وليس لهذا الاتفاق شكل خاص. بل تسري القواعد العامة بشأن إثبات انعقادها. كما أن الرضاء فيها قد يكون صريحًا أو ضمنيًا. لكن يجب أن يقع على الدين ذاته حتى ينتقل بجميع ضماناته وصفاته ودفوعه حتى لا يلتبس الأمر فيفسر الاتفاق على أنه تجديد للدين أو إنابة في الوفاء بإضافة المدين الجديد إلى المدين الأصلي. كما يجب أن يفرغ رضاء الطرفين في قالب مفهوم للسبب ذاته. ويراعى أن الحوالة ترد على جميع الديون لا فرق في ذلك بين ما يكون منها مؤجلًا أو معلقًا أو مستقبلًا.

وترتب الحوالة وفق الصورة السابقة فضلًا عن براءة ذمة المدين -حيث يعتبر أنه قد أدى للمدين الأصلي ما يعادل قيمة الدين المحال به-: جميع آثار الحوالة التي تنعقد بين المدين الأصلي والمحال عليه فيما يتعلق بانتقال ملحقات الدين وبأداء قيمة الحوالة وبالدفوع التي يجوز للمحال عليه التمسك بها قبل الدائن وبامتناع رجوع الدائن على المدين الأصلي ما لم يتفق على خلاف ذلك. وعلى هذا نصت محكمة النقض المصرية بقولها: (مفاد المادة 321 من القانون المدني أنه يجوز أن تتم حوالة الدين في صورة اتفاق مباشر بين الدائن والمحال عليه يتحول الدين بمقتضاه من ذمة المدين القديم إلى ذمة المدين الجديد دون حاجة إلى رضاء المدين القديم، وللمحال عليه عملًا بالمادة 320 من ذات القانون أن يتمسك قبل الدائن بالدفوع التي كان للمدين الأصلي أن يتمسك بها ذلك أن الدين ذاته ينتقل بأوصافه وضماناته ودفوعه من المدين الأصلي إلى المحال عليه).