عقد الحراسة في ضوء نظام المعاملات المدنية والقانون المدني المصري

عقد الحراسة في ضوء نظام المعاملات المدنية والقانون المدني المصري

عقد الحراسة من العقود المدنية المسماة التي نظمت أحكامها القوانين المدنية مثل: القانون المدني المصري ونظام المعاملات المدنية. ونظرًا لأهميتها العملية فقد أفرد لها القانون المدني المصري فصلًا خاصًا وهو الفصل الخامس من الباب الثالث الخاص بالعقود الواردة على العمل. وخص الحراسة الاتفاقية بنص المادة 729 مدني. أما الحراسة القضائية فقد خصص لها سائر مواد الفصل الخامس وعددها تسع.

تعريف عقد الحراسة

عرفته المادة (517) من نظام المعاملات المدنية بأنه: (عقد يتولى بمقتضاه الحارس حفظ مال متنازع فيه وإدارته ورده مع غلته إلى من يثبت له الحق فيه). وقد عرفته المادة (729) من القانون المدني المصري بأنه: (عقد يعهد الطرفان بمقتضاه إلى شخص آخر بمنقول أو عقار أو مجموع من المال يقوم في شأنه نزاع أو يكون الحق فيه غير ثابت فيتكفل هذا الشخص بحفظه وبإدارته مع غلته المقبوضة إلى من يثبت له الحق فيه). فالحراسة -كما قرر شراح القانون-: (وضع مال يقوم في شأنه أو يكون الحق فيه غير ثابت ويتهدد بخطر عاجل في يد أمين يتكفل بحفظه وإدارته ورده مع تقديم حساب عنه إلى من يثبت له الحق فيه ويوضع المال تحت الحراسة إما باتفاق الطرفين المتنازعين فتكون حراسة اتفاقية، أو بحكمٍ من القضاء فتكون حراسة قضائية قضائية).

أركان الحراسة

  1. مال موضوع تحت الحراسة.
  2. الاتفاق على الحراسة / أو صدور حكم بشأنها.
  3. تعيين حارس اتفاقًا / أو بموجب حكم قضائي.

خصائص عقد الحراسة

أ. يتم بين شخصين متنازعين أو بينهما حق ثابت وبين شخص آخر يوكل إليه مهمة حفظ الشيء المتنازع عليه.

ب. يكون في المال فقط كما قرر نظام المعاملات المدنية. أو في العقار وفي المنقول أو فيهما معًا كما قرر القانون المدني المصري.

ج. أن الحارس كالوديع يقوم بحفظ المال ورده عند انتهاء الحراسة ويختلف عنه في أنه يقوم بإدارة المال، وفي أنه يرده إلى من يثبت له الحق فيه من الطرفين المتنازعين.

أنواع الحراسة

الحراسة إما أن تكون اتفاقية أو قضائية، وكلاهما إجراء مؤقت لا يمس أصل الحق ولكن يقصد به التحفظ على المال في يد طرف ثالث بعيدًا عن طرفي النزاع. وتخضع الحراستان لأحكامٍ واحدة. وهذا ما تتجه إليه أحكام القانون المدني المصري ونظام المعاملات المدنية.

أولًا: الحراسة الاتفاقية

هي الواردة في نص المادة (729) من القانون المدني المصري على أنها: (عقد يعهد الطرفان بمقتضاه إلى شخص آخر بمنقول أو عقار أو مجموع من المال يقوم في شأنه نزاع أو يكون الحق فيه غير ثابت فيتكفل هذا الشخص بحفظه وبإدارته مع غلته المقبوضة إلى من يثبت له الحق فيه). ويكفي لقيام الحراسة الاتفاقية اتفاق الخصوم عليها في عقدٍ مستقل أو أن تجئ بموجب شرط تضمنه عقد مبرم بينهم كأن يشترط أنه في حالة تخلف المشتري عن الوفاء بأحد الأقساط توضع العين المبيعة تحت حراسة شخصٍ بعينه.

وإذا تعدد أطراف العقد الذي تضمن الاتفاق على الحراسة وجب موافقة جميعهم على الحراسة ومهمة الحارس وتعيينه. فإذا لم يتوافر إجماعهم على تلك العناصر لا تتوافر الحراسة الاتفاقية، ولا يبقى سوى الحراسة القضائية إذا توافرت شروطها.

وقد بينت المادة (518) من نظام المعاملات المدنية كيف يتم تعيين الحارس فنصت على أن: (يعين الحارس باتفاق ذوي الشأن على تعيينه. فللمحكمة أن تعينه إذا رأت أن بقاء المال في يد حائزه خطر عاجل). كما بينت المادة (519) كيف يتم التصرف إذا جرى تعيين أكثر من حارس فنصت على أنه: (إذا اتفق ذوو الشأن على تسليم المال لحارسين أو أكثر فلا يجوز لأحدهم الانفراد بحفظ المال أو إدارته أو التصرف في الغلة دون إذن الباقين).

ثانيًا: الحراسة القضائية

عرفتها محكمة النقض المصرية بقولها: (وضع مال يقوم في شأنه نزاع أو يكون فيه الحق غير ثابت ويتهدده خطر عاجل في يد أمين يتكفل       بحفظه وإدارته ورده مع تقديم حساب عنه إلى من يثبت له الحق فيه، -وهي على ما جرى به قضاء هذه المحكمة- إجراء وقتي تدعو إليه الضرورة ويستمد وجوده منها). الطعن 1053 لسنة 58 ق. جلسة 28/5/1990. س414. ص217.

فهي من أنواع النيابة القانونية والقضائية، حيث يحدد نطاقها القانون ويسبغ القضاء على الحارس صفته. وهي إجراء تحفظي مؤقت لا يمس الموضوع. بمعنى أنها تحفظ المال فتحول دون تصرف المدين فيه أو إخفائه. ومؤقتة فلا تبقى إلا ببقاء الظروف التي استدعتها. فتدور حجية الحكم مع هذه الظروف وجودًا وعدمًا. ولا أثر للحكم على الموضوع.

الأحوال التي يجوز فيها اللجوء للحراسة القضائية

نصت على أحوال هذه الحراسة المادة (730) من القانون المدني المصري بقولها:

(يجوز للقضاء أن يأمر بالحراسة:

  1. في الأحوال المشار إليها في المادة السابقة، إذا لم يتفق ذوو الشأن على الحراسة.
  2. إذا كان صاحب المصلحة في منقول أو عقار قد تجمع لديه من الأسباب المعقولة ما يخشى معه خطرًا عاجلًا من بقاء المال تحت يد حائزه.
  3. في الأحوال الأخرى المنصوص عليها في القانون).

فإذا توافرت شروط الحراسة الاتفاقية -طبقًا للمادة 729 من القانون المدني- بوجود نزاع في شأن منقول أو عقار أو مجموع من المال أو يكون الحق غير ثابت لأي من الخصمين، إلا أنهما يتفقان على وضع المال تحت الحراسة حينئذ يجوز لأي منهما أن يطلب الحكم بوضعه تحت الحراسة، عملًا بالفقرة الأولى من المادة 730 من ذات القانون.

كما يجوز اللجوء للحراسة القضائية في حالة العرض الحقيقي للمال الذي يتعذر إيداعه خزينة المحكمة، وذلك بأن يرفع المدين دعوى بوضع محل التزامه تحت الحراسة وفاءً منه بهذا الالتزام.

وقد جاء نص الفقرة الثانية من المادة 730 من القانون المدني المصري -السابق ذكرها- مطلقًا يجيز لكل صاحب مصلحة في منقول أو عقار تجمعت لديه من الأسباب المعقولة ما يخشى منه خطرًا عاجلًا من بقاء المال تحت يد حائزه أن يرفع دعوى بوضعه تحت الحراسة ولو لم يكن هذا المال محل منازعة ولو لم يكن الحق فيه غير ثابت، ويكفي أن تتوافر أسباب معقولة يخشى معها أن يقوم حائز المال باختلاسه أو إتلافه كليًا أو جزئيًا أو أن يغير فيه، ومتى تبين القاضي إمكانية ذلك تحقق لديه الخطر العاجل الذي يهدد طالب الحراسة وتوافرت الخشية التي توجب وضع المال تحت الحراسة القضائية صونًا له حتى يحسم النزاع في شأنه.

وقد ذكرت الدائرة التجارية في ديوان المظالم في القضية رقم 4408 لعام 1436  المستأنفة بالقضية رقم 4925 لعام 1436 أنه: (يشترط لفرض الحراسة القضائية على الشركات توفر أسبابها، وأن يجتمع لدى رافع الدعوى من الأسباب ما يخشى منه خطرا عاجلًا من بقاء المال تحت يد حائزه كأن يستأثر أحد الشركاء بالإدارة والأرباح بحيث يصبح من الخطر بقاء المال تحت يده)، كما ذكرت أن: (تقدير جدية النزاع وتوافر الخطر العاجل المسوغ لفرض الحراسة من المسائل الموضوعية التي تقع للدائرة سلطة تقديرها).