عقد الوكالة في القانون المدني المصري ونظام المعاملات المدنية

عقد الوكالة في القانون المدني المصري ونظام المعاملات المدنية

عقد الوكالة من العقود المدنية المسماة التي نظمت أحكامها القوانين المدنية مثل: القانون المدني المصري ونظام المعاملات المدنية، كما نظمت أحكامها الشريعة الإسلامية. وهو من العقود التي ترد على العمل.

تعريف عقد الوكالة

عقد الوكالة: (عقد يقيم بمقتضاه الموكل الوكيل مقام نفسه في تصرفٍ نظامي)، وفق نص المادة (480) من نظام المعاملات المدنية. وهو في الأصل من العقود الرضائية التي لا يتطلب القانون شكلًا معينًا لانعقادها. ولكن إذا ورد عقد الوكالة على تصرف شكلي تعين أن يأخذ نفس الشكل. وعلى هذا نصت المادة (700) من القانون المدني المصري بقولها: (يجب أن يتوافر في الوكالة الشكل الواجب توافره في العمل القانوني الذي يكون محل الوكالة ما لم يوجد نص يقضي بغير ذلك).

فإذا ورد عقد الوكالة على عمل كالرهن أو الهبة تعين أن تكون الوكالة فيها شكلية نظرًا لطبيعة هذا العقد، ففي الهبة مثلًا يشترط شكلية الوكالة فيها ويقتصر هذا على توكيل الواهب لغيره في أن يهب، أما قبول الموهوب له فلا يشترط فيه شكل خاص. فاشتراط القانون مثلًا الشكلية في بعض العقود كعقد الهبة والرهن الرسمي والبيع الوراد على السفن والطائرات يوجب أن تكون الوكالة في إبرام أيٍ من هذه العقود رسمية. فإن كانت الوكالة عرفية وذيلت بمحضر تصديق على التوقيعات الواردة بها كانت باطلة بطلانًا مطلقًا لتعين شكل التصرف بالنظام العام. ما يوجب على المحكمة أن تقضي بذلك ولو من تلقاء نفسها. ويرتد أثر هذا البطلان للتصرف الأصلي.

وقد عَرَّفَت المادة (699) من القانون المدني المصري عقد الوكالة بأنه: (عقد بمقتضاه يلتزم الوكيل بأن يقوم بعمل قانوني لحساب الموكل). ويفهم من نص هذه المادة -صراحةً ووفق توضيح المذكرة الإيضاحية- صراحة النص على التزام الوكيل بالقيام بعمل قانوني. فيصح التوكيل في البيع والشراء والرهن والارتهان والإيجار والاستئجار وفي سائر العقود الأخرى. كما يصح التوكيل في الوصية وفي قبولها وفي قبول الاشتراط لمصلحة الغير، وفي تطهير العقار المرهون. فتعد كل هذه أعمال قانونية منفردة. وكذلك يجوز التوكيل في الإدلاء باعتراف وفي توجيه اليمين وفي الدفاع أمام القضاء، فهذه كلها إجراءات قضائية تابعة لعمل قانوني هو إبداء الطلبات أمام القضاء نيابة عن الموكل. ويلاحظ أنه إذا ما استتبع أداء العمل القانوني القيام بأعمال مادية عدت هذه الأعمال ملحقة به وتابعة له. ولذا لو كان محل عقد الوكالة عملًا ماديًا فقط عد عقد عمل وليس عقد وكالة. فالتعاقد مع طبيب لإجراء عملية جراحية لا يعتبر توكيلًا.

ولعل نص المادة (480) من نظام المعاملات المدنية على أن عقد الوكالة: (عقد يقيم بمقتضاه الموكل الوكيل مقام نفسه في تصرفٍ نظامي) يفهم منه أن محل الوكالة في نظام المعاملات المدنية التصرفات النظامية شأنها شأن القانون المدني المصري الذي نص على أن يكون محل الوكالة الأعمال القانونية، لكن يمتاز نظام المعاملات أنه نص صراحةً على أن الموكل يقوم مقام الوكيل نفسه بمقتضى هذا العقد. فيجب إذًا أن يعمل الوكيل لحساب موكله وباسمه. وتقتصر أحكام الوكالة في نظام المعاملات المدنية على الوكالة في الأعمال القانونية عن نفس الغير ولا تتعداها إلى العمل للحساب الشخصي كما في الاسم المستعار والوكالة بالعمولة.

أركان عقد الوكالة

تعتبر أركان الوكالة كما في سائر العقود هي: التراضي والمحل والسبب.

فيجب لانعقاد الوكالة توافق الإيجاب والقبول على عناصر الوكالة، فيتم التراضي بين الموكل والوكيل على ماهية العقد والتصرف القانوني الذي يقوم به الوكيل والأجر الذي يتقاضاه إن كان هنالك أجر، ويخضع ذلك كله للقواعد العامة الواردة في نظرية العقد على اعتبار أنها تطبق على كافة العقود المسماة وغير المسماة.

ويجب التراضي على ماهية العقد، وعلى التصرف القانوني المطلوب القيام به. ويصح أن يكون رضاء الوكيل بالوكالة ضمنيًا، مثل: الوكالة الضمنية الواردة لخدم المنزل، والوكالة الواردة للزوجة في شراء احتياجات المنزل. وبذلك يكون للغير المتعامل مع الزوجة أن يرجع على الزوج -بوصفه الأصيل في التصرف-، ويلزمه بأداء ما ينتج عن تصرفاتها من التزامات وخاصةً دفع ثمن المشتريات. ويفصل قاضي الموضوع فيما إذا كانت هناك وكالة ضمنية من عدمه. كما أن تحديد مدى تلك الإنابة يتحدد دائمًا بضرورات المنزل ولوازم العائلة. فإذا تصرفت الزوجة تصرفًا خارج هذا النطاق كأن وقعت عن زوجها كمبيالة أو قامت بعمليات في البورصة، فلا يعتبر هذا تصرفًا ملزمًا للزوج لخروجه عن حدود الوكالة الضمنية.

الأحوال التي تصح فيها الوكالة

يصح أن تكون الوكالة:

  1. مطلقة.
  2. أو مقيدة.
  3. أو معلقة على شرط.
  4. أو مضافة إلى أجل.

وفق نص المادة (481) من نظام المعاملات المدنية.

أنواع الوكالة

أولًا: الوكالة العامة

وهي: (التي ترد في عقد الوكالة في صيغة عامة لا تدل على نوع معين من الأعمال القانونية المطلقة). فلا يعين فيها الموكل محل التصرف القانوني المعهود به للوكيل، بل ولا يعين نوع التصرف القانوني ذاته. كما لو تضمن العقد تفويض الوكيل في القيام بجميع أعمال الموكل وما يتطلبه ذلك من إجراءات وتصرفات. في هذه الحالة لا تصح الوكالة في نظام المعاملات المدنية وفق نص المادة (482) والتي تقول: (لا تصح الوكالة بألفاظ عامة لا تخصيص فيها لنوع التصرف النظامي محل الوكالة). خلافًا للقانون المدني المصري الذي يجيز هذا النوع من الوكالة بالألفاظ العامة، ويقصره على أعمال الإدارة فقط. سواء أشارت الوكالة العامة إلى الإدارة أو لم تشر.

فقد نصت المادة رقم (701) من القانون المدني المصري على أن: (الوكالة الواردة في ألفاظ عامة لا تخصيص فيها حتى لنوع العمل القانوني الحاصل فيه التوكيل لا تخول الوكيل صفة إلا في أعمال الإدارة)، وما يتطلبه ذلك من إجراءات وتصرفات، باعتبار أن إرادة المتعاقدين انصرفت إلى هذه الأعمال وحدها. ومؤداها انحصار حدود هذه الوكالة في الأعمال القانونية التي لا يترتب عليها اغتناء الموكل أو افتقاره إلا إذا كان ذلك نتيجة     حتمية لأعمال الإدارة.

ويعد من أعمال الإدارة وفق نص المادة السابقة: (الإيجار إذا لم تزد مدته على ثلاث سنوات وأعمال الحفظ والصيانة واستيفاء الحقوق ووفاء الديون. ويدخل فيها أيضًا كل عمل من أعمال التصرف تقتضيه الإدارة كبيع المحصول وبيع البضاعة أو المنقول الذي يسرع إليه التلف وشراء ما يستلزمه الشيء محل الوكالة من أدوات لحفظه واستغلاله). وقد ذكرت هذه الأعمال على أنها من أبرز أعمال الإدارة. ولا تعتبر واردة على سبيل الحصر.

ثانيًا: الوكالة الخاصة

وهي: (التي تتحدد بعمل أو أعمال قانونية معينة). كالتوكيل في البيع أو الشراء أو الصلح أو التحكيم أو التوكيل في الإيجار أو في بيع المحصول. فقد ترد الوكالة الخاصة على عمل من أعمال الإدارة أو عمل من أعمال التصرف وقد ترد عليهما معًا في وقتٍ واحد، فالمهم أن تتخصص في عمل أو أعمال قانونية معينة. ويفهم مما سبق أن أعمال التصرف إذًا مقتصرة على الوكالة الخاصة، فلا يصح أن يوكل شخصًا آخر توكيلًا عامًا في جميع أعمال التصرفات دون أن يخصص أعمالًا معينة منها. فإن خصصت اقتصرت الوكالة على ما خصص ولا تتناول غير ذلك من أعمال التصرف، كما لو وكل شخص آخر في بيع ماله وفي التصرف فيه بجميع أنواع التصرفات فلا تتناول الوكالة في هذه الحالة إلا البيع دون غيره.

وقد نصت على أحكام هذه الوكالة المادة (702) من القانون المدني المصري بقولها: (لابد من وكالة خاصة في كل عمل ليس من أعمال الإدارة وبوجه خاص في البيع والرهن والتبرعات والصلح والإقرار والتحكيم وتوجيه اليمين والمرافعة أمام القضاء). كما ذهبت نفس المادة إلى أن: (الوكالة الخاصة في نوع معين من أنواع الأعمال القانونية تصح ولو لم يعين هذا العمل على وجه التخصيص، إلا إذا كان العمل من التبرعات). وإلى هذا الحكم ذهب نظام المعاملات بقوله: (تصح الوكالة الخاصة في نوع معين من أنواع التصرفات النظامية ولو لم يعين محل هذا التصرف. إلا إذا كان التصرف من التبرعات).

وقد اشترطت المادة (484) من نظام المعاملات المدنية أن: (كل عمل ليس من أعمال الإدارة يجب أن تكون الوكالة فيه خاصة تُعَيِّن: نوع العمل، وما تستلزمه الوكالة فيه من تصرفات).